
فى يوم 3 يناير بدأ الكونجرس الامريكى الجديد أعماله بداية صاخبة في قاعة مجلس النواب الامريكى. فقد جرت العاده أن يتم انتخاب رئيسأ للمجلس في أول جلسة بطريقة روتينية لا تستغرق سوى ساعات قليلة حيث يقوم نواب الحزب ذو الأغلبيه بإنتخاب واحد منهم ليقوم بهذه المهمة. ولكن فوجئ العالم كله بأن نواب الحزب الجمهورى ذو الأغلبيه غير متفقون على المرشح الجمهورى كيڤين مكارثى Kevin McCarthy لمنصب رئيس المجلس وفشلوا في أول جولة من التصويت على إنتخابه أو إنتخاب شخصا آخر، ثم فشلوا في الجوله الثانية والثالثة وفجأه تحول العمل الروتيني إلى فوضى وهرج ومرج في طرقات المجلس وتناقلت وسائل الاعلام المختلفه الخبر بأن هناك صراعأ حادأ ومريرا بين نواب الحزب الجمهورى ذو الأغلبيه وانهم فشلوا فى اختيار رئيسأ لهم وللمجلس. وبدأ النواب الجمهوريون منقاشات ومباحثات بينهم البعض في محاولة لاقناع الرافضين للوصول إلى إتفاق لانتخاب رئيسأ. وهنا بدأ ينتبه العالم إلى الرافضين، من هم؟ وكم عددهم؟ ولماذا يرفضون كيفين؟ وهل لديهم بديل؟ الرافضون هم من المحافظين المتشددين وعددهم لا يتجاوز الـ 20 ويرفضون كيڤين لان عندهم عدد من المطالب لتغيير بعض قواعد العمل فى المجلس ويرغبون فى الحصول عليها من كيڤين ومن باقى النواب أولا.
طلبات تغيير العمل فى المجلس هي عملية طبيعية ولا غبار عليها ولكن أن تتم علانية وأمام العالم كله فهذا غير مألوف. بمعنى أن الاختلافات والطلبات والمناقشات غالبا تتم خلف الأبواب المغلقه ويتم الاتفاق ثم تفتح الأبواب بالابتسامات على كل الوجوه ثم يتم الانتخاب بسهولة.
ولكن هذه المرة استمرت الفوضى والغضب والاختلاف علانية لمدة أربعة أيام وأخيرأ اتفق الاخوة في الجولة الخامسة عشر وفيها حصل كيفين على العدد القانوني اللازم ليصبح رئيسأ للمجلس.
واعتبرت بعض وسائل الإعلام الشرق الوسطيه أن امريكا فشلت في إنتخاب رئيسأ لمجلس نوابها وأن هذه هي بداية سقوط امريكا أو هكذا يتمنون ولكن الواقع والذى لا يعرفه هؤلاء أن ما حدث هو مثال واضح للديمقراطية وكيف يتم صنع القرار في النظم الديمقراطية. اختلافات ومناقشات ومحاولات للاقناع ورفض ثم محاولات مستمره لتقريب وجهات النظر المختلفه إلى أن يتم الاتفاق وفي النهايه نصل إلى أفضل القرارات وافضل الحلول.
ولكن من هو كيڤين مكارثى؟ كيڤين من مواليد 1965 وهو سياسى محنك ونائبا من كاليفورنيا لمدة 16 عاما عن الدائره الانتخابيه رقم 23 وهى تشمل الجزء الاوسط الغربى من الولايه. وتمثل الزراعه جزءاً كبيرا من إقتصاد هذه المنطقه الريفيه ومعظم سكانها ينتمون إلى ايدولوچية وفكر المحافظين.
نشأ مكارثي في عائلة من الطبقة العاملة في بيكرسفيلد وهو الأصغر بين ثلاثة أطفال من أم ربة منزل وأب عمل كمساعد رئيس الإطفاء ومازال يعيش فى بيكرسفيلد ومتزوج وله ولدان.
في سن الـ21 التحق بجامعة ولاية كاليفورنيا ودرس ادارة الاعمال وأثناء وجوده هناك، تدرب مع عضو الكونجرس بيل توماس وأصبح فيما بعد عضوًا في فريق عمل عضو الكونجرس التابع لتوماس.
انتخب لأول مرة لعضوية الكونجرس في عام 2006، وفي عام 2014، تم انتخابه زعيما جمهوريا في مجلس النواب.
وفى خطابه الاول بعد أن أصبح رئيسأ لمجلس النواب الامريكى رسم خريطة عمل المجلس في العامين القادمين حيث وعد بتحسين الأحوال المعيشية للمواطن الامريكى والتغلب على التضخم والأسعار العاليه للطاقه وأن يتم التحكم فى الحدود الجنوبيه مع المكسيك لمنع الهجرة الغير شرعيه للبلاد وأن تتم التحقيقات مع بعض هيئات الدولة والتي تم سوء استخدامها من الديمقراطيين لمعاقبة معارضيهم.
وهكذا يتم صنع الديمقراطية.