
شرح المؤرخ الكنسي نشأت زقلمة، عضو لجنة المصنفات الكنسية، في كُتيب حمل شعار الجزء الثاني عن اكتشاف جسد الأنبا أنطونيوس ونقله إلى فرنسا.
وجاء فيه تفاصيل نقل جسد الأنبا أنطونيوس من الصحراء إلى الإسكندرية عام 651م، حيث قال إن الله الذي قال في الماضي للأنبياء أنه لا يفقد عظم من عظامهم… سمح بأن يبقى جسد الأنبا أنطونيوس الكبير زمناً طويلاً مخفياً، ولم يكتشف هذا الجسد إلا في عام 561م في عصر البابا ثاؤدوسيوس البطريرك الـ (33) (536م- 567م).
وفي عصر الإمبراطور الخلقيدوني جستنيان الأول قيصر (527م- 565م) سيطر الرهبان الملكيين الخلقيدونيين من الشرق على دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس واستمر لمدة القرنين السادس والسابع، ثم استمروا في الإشراف على الدير حتى أواخر القرن الثامن الميلادي. وفي إطار الاضطهاد الخلقيدوني للكنيسة القبطية الأورثوذكسية، أمر الإمبراطورجستنيان قيصر، بأن يبني للدير حصن وأسوار حفاظا على أرواح الرهبان الخلقيدونيين من هجمات قبائل الأعراب والبربر.
وأثناء أعمال الحفر والبناء بالدير تم اكتشاف جسد القديس الأنبا أنطونيوس الكبير وبناء على أمر الإمبراطور جستنيان الأول تم نقل الجسد المكرم إلى (كنيسة القديس يوحناالمعمدان) بالإسكندرية، بعد وضع الجسد في صندوق ثمين لأجل هذه الغاية، ثم نقله باحتفال عظيم إلى مدينة الإسكندرية بعد أن اتخذت الكنيسة كل الإجراءات اللازمة لعرضه على المؤمنين للاحتفال بهذا الحدث الهام.
من جهته، فالأنبا فيكتور أسقف تونس في أفريقيا أحد شهود العيان الذي كان يوماً منفياً في كابون إحدى الأحياء الكائنة على بعد أربعة أو خمسة فراسخ من مدينة الإسكندرية يخبرنا قائلاً: إن جسد القديس الأنبا أنطونيوس تم نقله باحتفال عظيم إلى هذه المدينة… «إنها كنيسة القديس يوحنا المعمدان» التي بنيت مكان السرابيوم، حسب أقوال الأنبا غوريغوريوس أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، وأن الشعب تقاطر من كل أنحاء مصر إلى الأماكن التي مروا بها ومعهم الجسد، ليلتمس معونة القديس الأنبا أنطونيوس الذي كان يعتبره المؤمنين حامياً وشفيعاً لهم.
ووضع الجسد الطاهر في الكنيسة وأقبل المؤمنون على نوال بركة القديس الذي كان له منزلة في السماء. ولم تكن مصر وحدها التي تتشفع بالقديس، بل بلاد الشرق والغرب كلها، ويمكننا القول إنه منذ بدء الجيل الخامس، كان الأب أنطونيوس الناسك أحد الأكثر توسلاً يطلبه المؤمنون في كل مقاطعات أفريقيا وآسيا.