
خاص لـ «أرثوذكس نيوز»
لابد للروح ان يكون لها ثمر فى الانسان، لان السيد الرب يقول «من ثمارهم تعرفونهم» (مت ٨: ٢٠). لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله ( رو٨: ١٤)، وهذا هو المقصود أن الدبلوماسية الروحية تبرز من خلال شركة الروح القدس مع الروح الإنسانية، ذلك لأن الروح الإنسانية وحدها لا تستطيع أن تعمل شيئاً بدون شركة روح الله معها، ولقد كتب لنا بولس الرسول والدبلوماسي الروحي والسفير المختار عن ثمر الروح القدس في (غل ٥: ٢٢-٢٣)» وأما ثمر الروح القدس فهو: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف»، فالحياة الروحية مرتبطة ببعضها البعض فكل ثمرة تتعلق بغيرها من الثمار. ولنتذكر قول السيد المسيح: «كل غصن لا يأتي بثمر يقطعه، وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر، أنتم الآن انقياء لسبب الكلام الذى كلمتكم به، أثبتوا فيَّ وانا فيكم» (يو15: 2-3)، وطالما نحن سفراء المسيح لأجل بنيان الكنيسة، علينا أن نطلب لأجلها بغصن يأتي بثمر، (يصلى بالروح وبالذهن أيضا) ويطالبنا بولس الرسول «أيها الأخوة لا تكونوا أولاداً في أذهانكم، بل كونوا أولاد في الشر وأما في الأذهان فكونوا كاملين/ ففى الكنيسة اريد ان أتكلم خمس كلمات بذهني لكى اعلم الاخرين أكثر من عشرة ألاف كلمه بلسان/ فمن يتكلم بلسان يبنى نفسه،لأنه ليس أحد يسمع، وأما من يتنبأ يتكلم بالروح، لأن الروح يتكلم بأسرار، إن لم تعطوا باللسان كلاماً ما يفهم ، فكيف يعرف ما تكلم به؟! فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء ! (١كو١٤).
وأما ثمر الروح القدس فهو:
(١) المحبة:
(محبة صنع الخير تلقائياً بلا مجهود، وبلا وصية بل بطبيعته الخيرة، لأن الخير من مكوناته كصورة لله الذي سيصبح سفيراً له، والانسان الذى يحب الخير يعيش في فرح وسلام دائم).
فأنت تخدم لأنك تسعى لخلاص نفوس بشرية أحبها المسيح واشتراها بدمه، وأنت تحب الله وتحبهم، وكلما تخدمهم تزداد حبا لهم، فتزداد خدمة لهم، لذلك كانت أول الثمار هي (المحبة)، ولذلك نجد ايضا عندما عاتب الرب ملاك كنيسة أفسس، ودعاه إلى التوبة، لخص عتابه كله في عبارة واحدة: «عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى» (رؤ 4:2). لذلك على السفير الروحي أن يتدرب على هذا الحب، وليخرج من مظاهر الحياة الروحية، والدخول إلى عمق الحب، فالمحبة لا تسقط أبداً، وتذكر دائما سؤال المسيح لبطرس الذي أنكره وسبه ولعنه: أتحبني؟ وأجاب بطرس: «يارب أنت تعلم يارب كل شئ، أنت تعلم أنى أحبك» (يو٢١). وبهذه المحبة نال الغفران ورجع إلى رتبته الرسولية.
وها نحن نرى القديس بولس الرسول يوصي بالتسامح لمن أحزن بسبب أو آخر، وتسبب بما فعله في حزن الاخرين. (فيطلب من الذين يعملون معه ليس فقط أن يسامحوه بالحرى بل يعزونه لئلا يبتلع من الحزن المفرط، «لذلك أطلب ان تمكنوا له المحبة»(٢كو8:2).
(٢) الفرح:
نعني فرح الروح، وليس الفرح الباطل الممزوج بالكبرياء، بالذات، مثلما رجع التلاميذ السبعين فرحين يقولون للرب «حتى الشياطين تخضع لنا باسمك»، فوبخهم على ذلك بقوله «لا تفرحوا بهذا بل افرحوا بالحرى أن أسماءكم قد كتبت في ملكوت السموات» (لو١٠: ١٧-٢٠).
الفرح الروحي هو فرح بالرب، والوجود في حضرته، وفي عشرته…وكما قيل عن التلاميذ انهم فرحوا لما رأوا الرب ( يو٢٠:٢٠) وتحقق بهذا وعده لهم، «ولكني أراكم فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم» ( يو١٦: ٢٢)، هذا الفرح الذي قال عنه القديس بولس الرسول: افرحوا بالرب كل حين، واقول ايضاً افرحوا (فى٤:٤)، ما أعظم الفرح بالبحث عن النفوس الضاله وردهم، كما قال القديس بولس الرسول: «واعطانا خدمة المصالحة، واضعا فينا كلمة المصالحة، اذن نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله» (٢كو٥: ١٨-٢٠)… حقا ما أعمق فرح الذي يخلص نفساً من الموت،!!
وكما قال أحد الآباء: «سقيت شجيرة كوب ماء، فلم تقدم لي عبارة شكر واحدة، ولكنها انتعشت فانتعشت!!».
كذلك فرح السفير الروحي الذي يسهر لأجل نفوس الآخرين، ويفرح بنجاحهم روحيا، يفرح من أجلهم ومن أجل نفسه ومن أجل أدائه لرسالته التي أتت بنتيجة، يقول يوحنا الحبيب في رسالته إلى غايس: «أيها الحبيب فى كل شئ أروم أن تكون ناجحاً وصحيحاً، كما أن نفسك ناجحة» ليس لي فرح أعظم من هذا، أن اسمع عن أولادى أنهم يسلكون بالحق (٣يو ٢: ٤)».
والسفير الروحي، يفرح بنجاح خدمته، فنجد المعمدان كيف فرح كثيرا ببشارة السيد المسيح، ونجاحها، فقال: «من له العروس فهو العريس، وأما صديق العريس الذى يقف ويسمعه، فيفرح فرحاً من أجل صوت العريس، إذن فرح هذا قد أكمل» (يو ٣: ٢٩) لقد فرح لأنه سلم العروس للعريس، حتى لو انتهت بذلك خدمته، هذا الفرح الروحي البعيد عن الاهتمام بالذات، أما الإنسان الأنانى فلا يفرح إلا بخدمته هو، وكأنه الوحيد الذى يخدم ، ومن هنا قد يحدث التنافس، والحسد، ولا يفرحون بعمل غيرهم، إن الذين يخدمون في حقل الرب، يفرحون بثمار الخدمة مهما كان تعبهم فيها، «عظم الرب الصنيع معنا فصرنا فرحين» (مز ١٢٦: ٣).
وما أجمل تعبير بولس الرسول عن مشاعر المحبة والسلام. عندما يقول لأهل كورنثوس(٢كو-٣ ٤): «حتى إذا جئت لا يكون لي حزن من الذين كان يجب أن افرح بهم، واثقا بجميعكم ان فرحى هو فرح جميعكم»، «لأنى من حزن كثير، وكآبة قلب، كتبت اليكم بدموع كثيرة لا لكي لا تحزنوا بل لكي تعرفوا المحبة التي عندي ولاسيما من نحوكم».
(٣) السلام:
■ وهو السلام مع ومن الله
■ سلام مع الناس
■ سلام داخلى مع النفس
سلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم (فى7:4) / يكفي أن تشعر بالسلام من القول الإلهى «هوذا على كفي نقشتك» (اش٤٩: ١٦)، وأيضا «أما أنتم، فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة» (مت30:10)، ومما يجلب السلام أيضا الإطلاع على مزامير عن حفظ الله لك:
- (مزمور ١٢٠) «الرب يحفظك، الرب يظلل على يدك اليمنى، فلا تضربك الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل، الرب يحفظك من كل سوء، الرب يحفظ دخولك وخروجك».
- (مز٩١) «الساكن فى عون العلى يستريح فى ظل اله السلام…».
وينبهنا البابا شنودة الثالث بقوله (احفظوا المزامير، تحفظكم المزامير).
• إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس (رو 18:12). ولا تجعل الخلافات تأتى بسببك، كن مصلوباً لا صالباً، وكن واسع الصدر حليماً، وأن تحتمل وأن تغفر، ولا تجازوا أحد عن شر بشر (رو 19:12)، ولا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير (رو 21:12). ولذلك قال بولس الرسول «يجب علينا نحن الاقوياء، أن نحتمل ضعفات الضعفاء، ولا نرضي أنفسنا (رو 1:15).
• لا نطالب الناس بمثاليات، وإنما نقبلهم كما هم بواقعهم وليس كما ينبغي أن يكونوا، ويلفت نظرنا البابا شنودة الثالث، إننا نقبل الطبيعة كما هي، دون أن نطلب منها أن تتغير، هكذا تكون معاملتنا لمن نقابلهم من الناس، ولكن بالوداعة والتواضع يمكن مسالمة الكثيرين.
• وهكذا الذى يملك السلام قلبه، ليس فقط يكون مطمئنا، بل يشع الاطمئنان في القلوب، «لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع، سلامي أترك لكم سلامي أنا أعطيكم» (يو31:14). الله يقول لك: لا أهملك ولا أتركك، تشدد وتشجع، لا تهرب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب» ولا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك (يش5: 9:1)، لأني أنا معك لأنقذك (ار 19:1).
السفير الروحي، لا يخاف، بل يملك السلام على قلبه، ويحتفظ بسلامه وإطمئنانه متذكراً قوة الله الحافظة، يؤمن بأن الله موجود، وأن يعمل لأجله، كما يؤمن أن كل مشكلة لها حل، وأن الله عنده حلول كثيرة، «وأن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله» (مر24:9).