
لقداسة البابا تواضروس الثاني
في كنيستنا نصلي مجموعة من الأواشي: نصلي أوشية المرضى والراقدين والمسافرين، ونصلي أوشية من أجل رئيس أرضنا أي المسئول المدني على الأرض، ونصلي من أجل الزروع والثمار ونبات الحقل، ومن أجل الهواء، ومياه الأنهار (كنا نصلي من أجل نهر النيل فقط لكن لما انتشرت كنائسنا في العالم صرنا نصلي من أجل الأنهار والأمطار والينابيع)، هذه مجموعة من الأواشي الكبيرة. وهناك أيضا أواشي من أجل سلام الكنيسة، والبابا والأساقفة والكهنة والشمامسة، ومن أجل الإجتماعات.
طلبة: «نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة»
هي مجموعة من الطلبات الجميلة المركزة نصليها بعد التقديس في القداس. هذه الطلبات قصيرة تناسب الجميع، ومن الممكن أن تحفظها وتصلي بها في بيتك مع صلواتك الخاصة (الأجبية، التسبحة.. الخ). ويمكنك أن تقف عند طلبة معينة تهمك في مرحلة خاصة من حياتك وترددها كثيراً.
في هذه الطلبات نصلي من أجل المكرسين والمتبتلين، وكذلك نطلب «حياة صالحة للذين في الزيجة». فمثلا لو كنت تعرف أسرة بها مشكلة يمكنك أن تصلي هذه الطلبة مع ذكر أسماء أفراد الأسرة.
وضمن هذه الطلبات نطلب: «نجاحا للطلبة وعملاً للمحتاجين»، بسبب نسب البطالة العالية واحتياج البعض إلى عمل فنصلي من أجلهم.
نصلي أيضا من أجل إنقسامات الكنيسة. ومن قلبنا نصلي أن تصير الكنيسة واحدة لأن المسيح واحد.
نطلب أيضا: «حل تعاظم أهل البدع»، وأهل البدع هم من يخرجون بابتداع في الإيمان والعقيدة مثل آريوس ومقدونيوس ونسطور.. الخ. وذكر التعاظم بالتحديد هو لأن الصفة السائدة لأهل البدع هي الكبرياء، فالمبتدع لا يسمع لأحد، لأنه يظن في نفسه أنه يملك كل العلم، وتكون النتيجة أنه يُعثر كثيرين. هي طلبات متعددة وسوف نركز هنا على الطلبة الأولى منها:
نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة
ما المقصود بالكنيسة؟
ليس المقصود هو مبنى الكنيسة إنما المقصود:
1- الهيكل أي الفرد: بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول: «أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟» (1كو 16:3)، فكل فرد هو هيكل لله، أي جزء من الكنيسة.
2- الأسرة أو الكنيسة التي في بيتك: لأن كل بيت من بيوتنا هو كنيسة ترفع فيه الصلوات الفردية (لكل فرد من الأسرة) والجماعية (أثناء تجمع الأسرة).
3- الكنيسة التي تنتمي إليها: من الأمور الجميلة في حياتنا كأقباط داخل مصر وخارجها إننا حينما نتقابل نسأل بعضنا البعض: «بتروح كنيسة أيه؟» فالانتمائية الكنسية تعبير مهم جداً عندنا.
ما المقصود بالأساس؟
الأساس هو الجزء الرئيسي في المكان. فحينما أقول «ثبت أساس الكنيسة» أقصد اجعل كنيستي القبطية ثابتة ولها أساس قوي.
إذن الأساس هو المسيح
وفي مصر الذي وضع أساس الإيمان بالمسيح هو القديس مارمرقس الرسول الذي استشهد في أراضي مدينة الإسكندرية. وعلى هذا الأساس الذي وضعه بدأ كل جيل يبني، واليوم هذا البناء يرتفع إلى عشرين قرنا من الزمان. لذلك فإن القديس مارمرقس له مكانة خاصة عندنا، فنحتفل بأعياده، ونعمل القداسات والتماجيد، ونسمي كنائس بإسمه، ونسمي أولادنا على إسمه .. الخ.
ما هو المقصود بالثبات؟
الثبات صفة جيدة، والإنسان الثابت في حياته ومبادئه وتصرفاته يُمتدح، أما المتغير والمتلون فهو غير مقبول.
ثلاثة معاني رئيسية للثبات:
1- ثبت الخلاص في القلوب: أي ثبت خلاص المسيح الذي تممه من ألفي عام في قلونبا: «فتأنوا أنتم وثبتوا قلوبكم، لأن مجئ الرب قد اقترب» (يع 8:5).
نحن في زمن تخرج فيه كل يوم موضة جديدة، وتتزايد الخطايا وتنتشر، بل أحيانا تصدر من أماكن علمية عالمية لها وضعها ولها صوت في العالم، فتخرج الخطية مغلفة بغلاف علمي.
لكن المسيح جاء من أجل الصليب ومن أجل خلاص الإنسان. فهل أنت تشعر وتعرف قيمة الخلاص الذي قدمه المسيح على الصليب مرة واحدة من أجلك؟ هل تعلم إنه لولا خلاص المسيح لما كان لك مكان في السماء؟ هل تعرف أن مفتاح السماء هو من خلال صليب المسيح؟ هل هذه الحقائق داخلك؟.
هل تتأمل في الصليب كل يوم وفيما صنعه المسيح من أجلك؟ هل تنظر إلى المسيح الذي يقول: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم» (مت 28:11)، أم أن المسيح تاه وسط زحام الحياة، ولا تتذكره إلا داخل الكنيسة؟
حينما تقول طلبة «ثبت أساس الكنيسة» قل: يارب ثبت خلاصك في قلبي، اجعلني اشعر بحضورك، وبيدك الممدودة، وبالصليب الذي قدمت عليه نفسك ذبيحة من أجل خطايانا.
2- ثبت الاستنارة في العقول: مشكلة الإنسان في هذا الزمان هو ظلام العقل.. كثيرون عقلهم مظلم، لا يرى إلا الدنس والخطية، ويعيش في التراب. أما نحن فنطلب من الله أن يجعل عقلنا مستنيراً.
من أين نحصل على الاستنارة؟
أولا: الاستنارة تبدأ في سر المعمودية.
ثانيا: الاستنارة تأتي من الكتاب المقدس المفتوح على الدوام.
ثالثا: الاستنارة تأتي من ممارسة باقي الأسرار مثل سر التوبة وسر التناول.
حرب التشكيك في المسيحية
في هذه الأيام على مواقع التواصل الإجتماعي، هناك من يشكك في المسيحية باستهزاء وباستفزاز. لابد ان تعرف أن مسيحيتك بدأت من ألفي عام. يجب أن تعرف أن عدو الخير يستخدم بعض الأشرار الذين يدخلون للإنسان من باب التشكيك.
أرجوكم احذروا من الذين يبلبلون العقول ويشككون في المسيحية. هؤلاء لكي يصطادوا أي فريسة يقتطعون كلمة أو جملة من سياق كلمات أي شخصية كنسية ليصلوا إلى هدفهم، وهناك نشر للفكر الخبيث بكل صوره.
3-ثبت اشتياقنا للسماء:
من الأمور الجميلة في كنيستنا أننا نتجه للشرق في الصلاة وحتى في جلوسنا في الكنيسة. يقول الشماس وقت القداس «وإلى الشرق انظروا» لأن الشرق هو موطن النور وموطن مجيء السيد المسيح.
ياترى هل شوقك للسماء موجود؟ أم إنه باهت؟ أم إنك مشغول بأمور كثيرة.
الخلاصة:
«ثبت أساس الكنيسة» هي الطلبة الأولى، ثبت أساس كل فرد، ثبت أساس كل أسرة، ثبت أساس الكنيسة التي نخدم فيها، ثبت أساسنا وعقيدتنا وإيماننا وتراثنا وحياتنا.
لا تنسى أن كنيستنا القبطية هي الكنيسة الوحيدة التي زارتها العائلة المقدسة ببركة خاصة لأهل مصر. ولا تنسى أن كنيستنا قدمت أعدادا كبيرة من الشهداء والنساك والمُعلمين. لا تنسى تاريخ كنيستنا المجيد، وتراثنا الغني من أيقونات وموسيقى وألحان واللغة القبطية وطقوس. لا تنسى أن الرهبنة نشأت في حضن الكنيسة القبطية وانتشرت منها للعالم كله. كنيستنا غنية ومرتفعة بارتفاع عشرين قرنا من الزمان ولها أساس قوي وحجر زاويتها هو ربنا يسوع المسيح. إنها كنيسة قوية وعفية ولامعة.
لنعش ونتمتع جميعا بكنيستنا التي لها هذا الأساس القوي. نعمة الله تكون معنا، والمجد لله دائما أبديا أمين.