Orthodox News

الناشر ورئيس التحرير : عزمي حنا

السبت, 30 سبتمبر ,2023

جئتُ لألقي نارًا على الأرض

يسعدني في هذا المقال تقديم الشرح الجميل الذي قاله القدّيس كيرلّس الكبير عمود الدين، في تعليقه على حديث السيّد المسيح في (لو12: 49)، عندما قال: “جئتُ لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرَمَت؟”

لنستمتع معًا بكلامه الممسوح بالروح:

+ تعالوا لنفحص ما هي طبيعة هذه النار التي يتحدّث عنها هنا. هل هي نافعة لمَن هم على الأرض؟ هل هي لأجل خلاصهم؟ أم أنّها تُعذِّب الناس وتسبّب هلاكهم، مثل تلك النار المُعدَّة لإبليس وملائكته؟

+ نحن نؤكِّد أنّ النار التي أرسلها المسيح، هي لأجل خلاص البشر ونفعهم. وقد تفضَّل الله ومنحنا أن تمتلئ قلوبنا بها. لأنّ النار هنا هي رسالة الإنجيل المُخَلِّصة، وقوّة وصاياه. فنحن الذين كُنّا باردين وأمواتًا بسبب الخطيّة، ونجهل ذلك الذي هو الله بالطبيعة وبالحقّ، تُضرِم فينا هذه النار حياة التقوى، ونصير “حارّين في الروح” (رو12: 11)، بحسب تعبير الطوباوي بولس. وبالإضافة إلى هذا نصير نحن شركاء الروح القدس الذي هو كنارٍ داخلنا، لأنّنا اعتمدنا بالنار والروح القدس..

+ من عادة الكتاب الموحى به من الله أن يعطي أحيانًا اسم النار للكلمات الإلهيّة والمقدّسة، وللفاعليّة والقوّة التي بالروح القدس، والتي بها نصير كما قلتُ: “حارّين في الروح”.. لذلك كما أنّ الذين يَعرِفون كيف ينقّون الذهب والفضّة، فإنّهم يُذيبون الشوائب التي فيهما باستخدام النار، كذلك أيضًا مُخلِّص الكلّ يُنَقّي قلوب كلّ الذين آمنوا به، بواسطة تعليم الإنجيل بقوّة الروح.

+ قال إشعياء النبي أنّه “طار إليّ واحد من السيرافيم، وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومسّ بها فمي، وقال إنّ هذه مسّت شفتيك فانتُزَع اثمُكَ وكُفِّر عن خطيّتك” (إش6)، فأيّ تفسير إذن يجب أن نضعه للجمرة التي مسّت شفتيّ النبيّ، وطهّرته من كلّ خطيّة؟ من الواضح أنّها رسالة الخلاص، وإقرار الإيمان الإيمان بالمسيح، فإنّ كلّ مَن يعترف به بفمه يتطهّر تمامًا، وفي الحال. وهذا الأمر يؤكِّده لنا بولس قائلاً: “لأنّك إن اعترفتَ بفمك بالربّ يسوع، وآمنتَ بقلبك أنّ الله أقامه من الأموات خلصتَ” (رو10: 9).

+ لذلك نحن نقول أنّ قوّة الرسالة الإلهيّة تُشبِه جمرة حيّة وتُشبِه النار. وربّ الكلّ قال في موضِع ما لإرميا النبي: “هأنذا جاعل كلامي في فمك نارًا، وهذا الشعب حطبًا، فتأكلهم” (إر5: 14)، وأيضًا: “أليس كلامي هكذا كنارٍ يقول الربّ” (إر23: 29 سبعينيّة). لذلك فبحقّ قال لنا ربّنا يسوع المسيح: “جئتُ لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟” (لو12: 49). لأنّ بعضًا من الجمع اليهودي آمنوا به، وباكورة هؤلاء كانوا التلاميذ القدّيسين. والنار إذ تشتعل مرّة فإنّها حالاً ما تُمسِك بكلّ العالم، وفي الحال يَصِل التدبير إلى كماله سريعًا.

+ لذلك ها أنتم ترون أنّ تلك النار الإلهيّة والمقدّسة، قد انتشرت في كلّ الأمم، بواسطة الكارزين القدّيسين. وقد تحدّث المسيح عن الرسل القدّيسين والبشيرين، بواسطة أحد الأنبياء في موضع ما، فقال: “وسيحدث في ذلك اليوم أنّي أجعل رؤوس الألوف ليهوذا كمصباح نار بين الحطب، وكمشعل نار بين الحِزَم، فيأكلون كلّ الشعوب حولهم عن اليمين وعن اليسار” (زك12: 6). وكأنّهم أكلوا شعوب الأرض كنار، واغتذوا بالأرض كلّها، وأشعلوا كلّ سكانها، الذين -كما قلتُ- كانوا باردين، وكانوا يعانون من موت الجهل والخطيّة.

[عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 94) – إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة – ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]

مقالات في نفس التصنيف

أحدث المقالات

فيديوهات

البث المباشر

طقس اليوم

كاليفورنيا
غيوم قاتمة
79%
3.6mp/h
100%
69°F
72°
68°
67°
Sun
66°
Mon
67°
Tue
67°
Wed
66°
Thu

اشترك معنا في نشر الخبر

ارسل لنا كل ما هو جديد في كنيستك او مجتمعك وبالصور ان امكن علي الايميل التالي : Allorthodox@aol.com Or Orthodox_news@yahoo.com

ما رأيك في الموقع الجديد ؟

View Results

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

جريدة “أرثوذكس نيوز” جريدة مستقلة شاملة تصدر من مدينة لوس أنجلوس، ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ عزمي حنا.
جريدة أرثوذكس نيوز تأسست في شهر سبتمبر 2000 كجريدة شهرية، ومنذ عام 2001 أصبحت نصف شهرية، وتصدر باللغة العربية, وهي جريدة مستقلة لا تتبع لنظام أو هيئة حكومية، ليست جريدة حزبية، تجري في عروقها الدماء المصرية، وتعلن ولائها للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. جريدة تؤمن بالديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي ووجهات النظر المختلفة. جريدة تقبل النقد البناء وترفض النقد الهدام والمهاترات والمغالطات.

صفحات مهمة

اعلن معنا

أخر الأخبار

©2022 حقوق الطبع محفوظة – أرثوذكس نيوز  – تصميم Kemet Technologies

حجم الخط-+=
Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?

نعتذر، ولكن لا يمكنك النسخ من على موقع الجريدة

-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00