
ا.د/ رسمي عبد الملك رستم
نستكمل بنعمة الرب الجزء الثاني من أثر ثمار الروح القدس علي نجاح اتجاه ممارسة الدبلوماسية الروحية في الخدمة لخلاص النفس البشرية،، فقد أشرنا العدد الماضي الي ثلاثة ثمار : (المحبة ،، والفرح ،، والسلام )
:(٤) طول الاناة
طول الاناة توصف بانها طول الروح، وطول البال ، وسعة الصدر ، والحلم ، والصبر وانت كسفير للمسيح ،حاول أن تكتسب هذه السمة ،فلولا طول الاناة، علينا لهلكنا جميعا وطول أناته تنبع من عمق رحمته وحنانه ، ( طويل الروح كثير الرحمة مز١٠٣ )، ويقول القديس بطرس الرسول ” احسبوا أناة ربنا خلاصاً ” ٢بط ٣: ١٥ ولنتذكر طول أناة الله على:
[اهل نينوى /فرعون/ وعلى الشعب فى البرية ،الشعب صلب الرقبة ، مقاوم ،معاند ،كثير التذمر ،وكثير التقلب، / وشاول الطرسوسى ، الذى كان مضطهدا ، ومفترياً، واصبح بعد ذلك من طول اناة الله عليه اناء مختار له (٩: ٣-١٦]. ، ورسولا للأمم، وتعب أكثر من جميع الرسول فى خدمة الله ( ١كو ١٥: ١٠ ). وقصة تلك التينة التى ظلت ثلاث سنوات فى الكرم دون ان تنتج ، وجاءت فكرة قطعها ، بدلا من ان تبطل الارض،، ولكن قيل : ” اتركها هذه السنة أيضا ، حتى انقب حولها ووضع زبلاً، فإن صنعت ثمراً وإلا ففيما بعد نقطعها” (لو ١٣: ٦-٩)،
ومن أمثلة طول أناة الله معاملته لأهل السامرة ، تلك القرية التى أغلقت أبوابها فى وجهه ، لان وجهه كان موجها نحو اورشليم، فقال له تلميذاه يعقوب ويوحنا أتشاء ان تنزل نار من السماء ، اما طول أناة الرب على السامرة، فلم تفعل هذا ، بل انتظر تلميذيه قائلا : لستما تعلمان من إى روح أنتما، لان ابن الانسان لم يأتي ليهلك أنفس الناس، بل ليخلص ( لو ٩ ٥٢-٥٦).. ولنتذكر جاء الوقت الذى خلصت فيه مدينة السامرة، وتعمدت وقبلت الروح القدس(أع ٨: ١٤-١٧) !!
وأطال الله اناته على كثير من الخطاة مثل [ أوغسطينوس،، الذى صار بعد ذلك أسقفاً ، واحد معلمى الكنيسة الكبار ، / وموسى الأسود،، الذى صار من كبار اباء الرهبنة / ومريم القبطية توحدت وصارت من السواح ] وتخسر الكنيسة كل بركاتهم. ..!! ترى لو لم يطل الله أناته على كل هؤلاء ،،أما كانت نفوسهم تهلك؟! وتخسر الكنيسة كل بركاتهم، ،،
ولنتذكر كيف أطال الله أناته على روسيا البلشفية ، حتى عاد أكثر من مائة مليون الى الايمان، وكذلك رومانيا، وكثير من بلاد الاتحاد السوفيتى، فآمن كل هؤلاء ، وفرحوا فى الرب،،
هذه بعض النماذج عن طول الاناة عند الله،،ومادمنا قد خلقنا على صورة الله كشبهه ومثاله
(تك ١: ٢٦-٢٧) ،، فلنسلك بطول أناته التي تؤدي الي الخلاص وهو هدفنا من كل خدمتنا
اذن ينبغى ان تكون شبهه فى طول الاناة لان الكتاب يقول ” بالكيل الذى به تكيلون يكال لكم “(مت٧: ٢)
طول اناتنا فى التعامل مع الجميع مهما كلفنا ذلك من الاحتمال،، ( المسيح احتمل طباع القديس بطرس عند قطع اذن عبد رئيس الكهنة يو ١٨: ١٠،،ولكن بحزم وتوجيه ابوي ” رد سيفك الى غمده ، لان الذين ياخذون بالسيف ، بالسيف يهلكون (مت ٢٦: ٥٢)..لان بطرس لم يستطع ان يقاوم( طبع الاندفاع) الذى كان عنده، واحتاج الى طول اناة من الرب ان يحتمل حتى وقت غسل الارجل (يو١٣: ٦-١٠)’
لذلك يقول الكتاب ” ليكن كل انسان مسرعاً فى الاستماع، مبطئا فى الغضب،” هذا الابطاء يعنى طول الاناه فى الاستماع إلى الناس، وإعطاء فرصة للعقل ان يتدبر الامر فى حكمة ، ويهدي نفسه فلا يخطئ ،، وينبهنا داود النبى فى ذلك ” لا يحاكم الى الأبد، ولا يحقد الى الدهر ، لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازي حسب أثامنا، لانه يعرف جبلتنا، يذكر اننا تراب نحن” ( مز ١٠٣: ٩-١٤).. لعلنا أيضا نعامل بعضنا بعضا بنفس الأسلوب، بطول الاناة ، رغم أن نراعي أن أمامنا ضعف بشريتنا ..!!
وقد ترك هذا الامر تأثيره فى القديس يوحنا ذهبي الفم ،فقال : ان كان الجنين يأخذ فترة حتى ينمو جسمياً ،فكم بالأولى الانسان لينمو روحياً ،يحتاج بلا شك الى زمن ، وطول اناة
وكما قال بولس لتلميذه تيموثاوس ” عظ بكل اناة وتعليم” (٢تى ٤: ٢) ، والسيد المسيح نفسه له المجد ، وبخ الكنيسة والفريسين “لانهم يحزمون احمالا ثقيلة عثرةالحمل، ويضعونها على أكتاف الناس”
(مت ٢٣: ٤)، لذلك فالمستويات العالية من التعليم،لا تعطى لكل أحد ،وانما التدرج والاناة فى التعليم، هو الذى يأتى بنتيجة، ” شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء ، تأنوا على الجيع(١تس٥: ١٤) ،،ولا تقسوا عليهم، او ننتظرهم بشدة انما نصبر عليهم بطول الاناة، ان الدجاجة تلزمها فترة تحتضن فيها البيض، حتى ينضج وتخرج فراخها” انتظرت الرب من محرس الصبح حتى الليل ( مز ١٣٠: ٦-٧)
لذلك ، وحتى نتجنب مصادر عدم طول الأناة مثل :
القلق، والضجر، والانزعاج، والاندفاع، والتسرع، الاعتماد على ذراع بشرى، والحكمة البشرية الخاطئة
والعجيب ان الطرق البشرية قد تأتى بنتائج سريعة، ولكنها وقد تكون ليست حسب مشيئة الله ، التى قد تتأخر ، ولكن فى حكمة، وبركة ، ومنفعة،،،فطرق الله هادئة وتسير خطوة خطوة، حتى تصل بسلام ،، حقا يارب إرنا. رحمتك وإعطنا خلاصك ،، وكما يقول لنا بولس الرسول ” اسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا. كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها ….( بطول أناة).