
أحباؤنا الغاليين تعالوا نتمتع بالنعمة التى أنعم بها علينا الرب يسوع المسيح بهذا الصـوم الكبير المقـدس الذى بدأ فى اليوم الثالث عشر من شهر أمشير المبارك الموافق 20 فبراير. هذا الصوم الذى صامه رب المجد يسوع على الجبل قبل البدء فى رسالته السماوية بالخلاص والـتـبـشــيـر بالطـريق للحيـاة الأبديـة والملكـوت السـماوى .
لقد علمنا الرب أن الصوم والصلاة هما نعمة من الله لأنهما هما مفتاح الحياة الروحية الناجحة مع الرب يسـوع . لقد صام الرب أربعين يوما وأربعين ليلة ليعطينا الرب السـلاح الذى نغلب به الشيطان وكل تجاربه الشيطانية , كما غـلب هـو كل تجارب الشيطان له على الجبل , بل هو بقـوة وسـلطان طرد الشيطان وقال له إذهب يا شيطان فتركه فى الحــال , ثم جاءت الملائكة وصارت تخدمه , كقول معلمنا متى الرسول فى الأصحاح الرابع .
لقد علمنا الرب أنه ليس بالخـبـز وحده يحـيا الأنسـان , بل بكـل كلمـة تخـرج من فـم الله . ولهذا يجب أن يكون صـومـنـا مصحوبا بكلمة الله , كلمة الله فى كتابه المقدس , كلمة الله فى التراتيل والمزامير والتسابيح والصلوات التى لا تفارقنا طوال فترة الصوم , لقد علمنا الرب أيضا قائلآ لا تجـرب الرب إلهـك , وأيضا قال للـرب إلهـك تسـجد وإيـاه وحــده تعـبـد . نعم إلهنا الذى أحبنا وبذل إبنه الوحيد لخلاصنا , هو الذى نسـجد له وحـده بكل إيمـان وثـقـة , الأيمان الذى نعلنه دائمـا بصلاتنا بقانون الأيمـان المقــدس ونعترف ونثق ونعلن ايماننا بالثـالـوث القـدوس الآب والأبن والروح القدس إله واحد آميــن .
الله محبة وفى صومنا وصلواتنا ندعـو الله أن يمـلأ قـلـوبـنـا بمحبته , فهو القادر أن ينصرنا فى كل تجاربـنـا وضيـقـاتـنـا . وبالصوم والصلاة تنمو حياتنا الروحية , وتثبت محبتنا للرب الذى أحبنا , وبالصوم والصلاة تتأصـل وتـتـعـمـق محـبـه الله فى قلوبنا , ودائما نثق بأنه هو القادر أن ينصرنا فى كل تجاربنا وضيقاتنا , وبالصوم والصلاة تنمو حياتنا الروحية , فنتعلم الصبر فى الضيقات , والصبر الروحى هو صـبـر فى رجـاء مـفـرح وثقة بأن يد الرب تعمل وستعمل دائما , أن ” مـحـبـة الرب قد انسـكبت فى قلوبنا بالروح القدس ” (رومية3:5) . فبالصـوم نخضـع الجسـد للروح , وبكلمـة الله تخـضـع الـروح لقـيـادة الروح القـدس الذى أنعم الرب به علينا فى سر المعمودية وسر الميرون , الروح القدس هو الروح المعزى الذى نطلبه دائما فى جميع صلواتنا وخاصة فى صلاة الساعة الثالثة , ففى الصوم نطلب الى الرب بنفس متـذلـلـة متواضـعه نطلب من الرب أن لاينزع منا روحه القدوس روح الحـق الحاضر فى كل مكان ومعطى الحيـاة , بل يجـدده فى أحشـائنا , ويخلق فينـا قلبـا نـقيـا وروحـا مسـتـقـيـما .
لقد صام أباؤنا الرسل بعد إرتفاع الرب عنهم , فيقول بولس الرسول ” أنه كان فى أتعاب وفى أسهار وفى أصوام ….” (2كو5:6) , وأيضا كان الرسل يصومون ويصلون فيمتلئون قوة فى نشر بشارة الخلاص , وكنيستنا القبطية تعطى أهميـة قصوى للصوم والصلاة فنصلى فى القداس الألهى قائلين أن الصوم والصلاة هما اللذان رفعا إيليا الى السـماء , وخلصا دانيال من جب الأسود , وهما اللذان عمل بهما موسى حتى أخذ الناموس والوصايا المكتوبة بإصبع الله . والصوم والصلاة هما اللذان عمل بهما أهل نينوى فرحمهم الله وغفر لهم خطاياهم . فالصوم والصلاة هما اللذان يقودان كل انسان الى طريق التوبة , طريق التذلل أمام الله ليرفع غضبه عنهم ويرحمهم ويغفر لهم خطاياهم .
ليتنا نتمتع بهذه الهبة التى وهبها لنا الله فنواظب على الصوم والصلاة فنعيش فى متعة الوجود فى حضرة الرب كل حين ونكرر مع داود النبى القائل ” محبوب هو إسمك ياالله فهو طول النهار تلاوتى ” (مزمور97:119) . ولعلنا نطلب دائما من الرب كما نقول فى القداس الألهى ” أننا نسأل ونطلب من صلاحك يامحب البشر طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا , ولنصم عن كل شر بطهارة وبر .
أدام الرب علينا جميعا هذه الأيام المباركة حتى نحتفل معا بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموت , ونهلل قائلين بالموت داس الموت . ولألهنا المجد الدائم الى الأبد آمين .